التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا قرر الأمريكان قتل الترابي؟.. تم نقله إلى السودان فعاد إلى الحياة وإلى النطق في شبه معجزة


كلمة في وداع الدكتور حسن الترابي
فقد السودان الشقيق والعالم العربي والإسلامي عَلَماً عالماً وقمة من قمم الفكر والسياسة والدعوة الأستاذ الدكتور الشيخ العلامة حسن الترابي، هذا المتعدد المواهب، والعظيم الفكر، والبعيد التخطيط، الذي تجاوز القُطر إلى آفاق العالمية.
دعاه الكونجرس الأمريكي فخاطبهم خطاباً سحرهم فأرسلوا له أحد عملائهم ليقتله في كندا إذ دعاه الكونجرس الكندي أيضاً فضربوه في المطار ضرباً أوصله حافة الموت، وبقي في غيبوبة مدة من الزمن، ثم تم نقله إلى السودان، وقال الأطباء الكنديون: إن عاش هذا فسيعيش فاقد النطق، وكان نقله إلى السودان قبل وقفة الحجيج بعرفة وطلب أحبابنا في السودان أن يدعو الحجيج له بالعافية وقد كان، فعاد إلى الحياة وإلى النطق في شبه معجزة، وليس على الله بمعجز.
وصلتي بالدكتور الترابي رحمه الله تمتد إلى قرابة 40 سنة. خاصمه كثيرون، واختلف معه كثيرون، وانقلب عليه من ربّاه ودبّر له -أعني البشير-. لكن إن اتفقت معه أو اختلفت لا تملك إلا أن تحترمه وتقدره.
اختلف مع الإخوان في مصر، وكان الحق معه في ما أرى، ففكره سابق فكرهم.
زارنا في عمّان مرات، وزرته في السودان مرات، ودعاني في بيته مرات، وكان من نماذج الكرم والسماحة.
في سنة 90 بذل جهداً هائلاً مع مجموعة من كبار شخصيات العالم العربي والإسلامي لوقف الحرب على العراق، ولكن المؤامرة كانت أضخم من التصور ومن إمكان الاحتواء.
روى لي عن مقابلته للخوميني وقال: مع أن الخميني يعرف العربية فإنه لم يتكلم معنا كلمة بالعربية أنفة، وكان مترجم بيننا يترجم كلامنا له، وكأنه لا يفهم العربية، وكيف وهو قد عاش في العراق من عمره سنين؟ وقال: قلتُ له: لماذا لا نسمّي الخليج العربي (الخليج الإسلامي) لنخلص من نزاع عربي وفارسي؟ فانتفض كمن لُدغ وهبَّ واقفاً، وقال: انتهت المقابلة.
وذكرياتي مع الترابي عديدة هنا وفي الخرطوم، وأذكر من هذه الذكريات أن السيارة كانت تسير بنا في دوار الداخلية، ونحن ثلاثة أو أربعة، فقال: ستسمعون أخباراً طيبة من السودان خلال ستة أشهر ولا تسألوني ما هي، وقبل انتهاء ستة أشهر كان انقلاب البشير الذي سُجن على إثره الترابي.
وأُفرج عنه بعد وقت، وذهبتُ أزوره في بيته في الخرطوم وأهنئه بالسلامة واستقبلنا بالبِشر المعهود، وقلنا له: ما هذا الذي صنعتموه؟ فقال: مبارك كان يعد لانقلاب في الخرطوم فسبقناه، وقلتُ لهم: ضعوني في السجن ليظن هو والأمريكان أن الانقلاب لهم وقد كان، فنقل مبارك لأمريكا أن هذا هو الانقلاب الذي دبّره، فاعترفت أمريكا بالانقلاب، وقال: وكان الشرطي السجان يعاملني بمنتهى القسوة لا يدري ما الأمر.
ومما قال لي الترابي: عرضنا على مبارك أن نزرع القمح في السودان والذرة والمحاصيل والحبوب بخمسة ملايين مزارع مصري والأرض من السودان والمال من الخليج، فكان رده: أمريكا ما تسمحش.
وأهديت الترابي بعض كتبي فكان من تواضعه وأدبه العالي يضع الكتاب على رأسه وليس عندي ما أُضيفه إليه ولستُ قطرة في بحره، ولكنه أدبه.
وكنتُ أقول له: ما حدّثتني في ساعة يحتاج إلى تفريغه من ذهني إلى الورق يحتاج منّي إلى 24 ساعة، لزخم الفكر الاستراتيجي الذي يطرحه، ولستُ مبالغاً -علم الله-.
في إحدى زياراته لنا في عمّان ألقى كلمة في أحد مجتمعات عمّان وكان يضم نخبة من علية السياسيين والمثقفين والإعلاميين، فتكلم كلاماً ما سمعوا بمثله، وما كان منهم أحد إلا مدهوش، وكان بين الحضور صلاح أبو زيد أحد وزراء الإعلام المعدودين في الأردن.
والكلام عن الترابي لا ينتهي لأن صاحب هذا الكلام -أعني الذي نكتب عنه- مواهبه لا تُبارى، فهو يُتقن من اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، قراءة وكتابة وحديثاً، أما العربية فحدّث ولا حرج، ويحفظ القرآن بالقراءات السبع، ومن أعجب خصائصه أن ابتسامته في أحلك الظروف لا تفارق وجهه..
وكل ما قلناه قليل في حق الرجل الذي قضى من عمره في عالم العرب الذي يضيق بالفكر وأصحاب الفكر، قضى من عمره في السجون سنوات طويلة.
تقبله الله وأعلى منزله وعفا عنه وعوّض السودان والأمة خيراً، ولأهله الكرام ولأهل السودان أحرّ التعازي، وليسامحنا القرّاء لهذه الكلمات على أنها طالت وما كنت أقصد.
والسلام عليكم.
بقلم
الدكتور احمد نوفل

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أول ( أيمن ) يتصدر مشهداً سياسياً بالسودان

بتعيين أيمن خالد نمر،والياً على الخرطوم، الأربعاء الماضي،يكون أول شخصية سياسية بهذا الاسم الأول تتولى منصباً عاماً في السودان.   وينتمي غالب المواليد بإسم (ايمن) لجيل سبعينيات القرن الماضي،ويعني إسم ايمن في قاموس معاني الأسماء:اليمن والبركة،المبارك على قومه،من يعمل بيده اليمنى،والايمن خلاف الأيسر.   لكن أيمن خالد في دنيا السياسة لم يختاراليمين ولا اليسار، بل وضع نفسه في مرتبة “وسط” بين منزلتين فإنتمي للحزب الإتحادي الديمقراطي ولمع مركزيته الطلابية بجامعة الجزيرة.   والاثنين الماضي، أدى أيمن خالد (اليمين)والياً للخرطوم ضمن ١٨،عينهم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ولاة ولايات، منهم ٣ولاة باسم محمد: محمد عبد الله الدومة، ومحمد حسن عربي ومحمد عيسى عليو،ومن المصادفة أن كلهم في ولايات دارفورية، غرب دارفور، وشمال دارفور، ووسط دارفورعلى التالي .   من المفارقة أن التشكيلة الوزارية المركزية بحكومة حمدوك خلت من إسم (محمد) على عكس مجلس السيادة الإنتقالي ،حيث عُين 3 بالاسم كأعضاء منهما اولاد دفعة جامعة الخرطوم، محمد الحسن التعايشي ومحمد الفكي سليمان وكلاهما من المكون المدني في المجلس،يضاف اليهم

تسليم كوشيب للجنائية..رسائل في اكثر من اتجاه

” تمَّ تحقيق إنجاز بارز في حالة دارفور بالسودان باستسلام علي كوشيب…إن نقل المشتبه فيه إلى المحكمة يبعث أيضا برسالة واضحة لا لبْس فيها مفادها أنه مهما طال الزمان وصعبت العقبات التي تعترض طريقنا، فإن مكتبي لن يتوقف حتى يتم تقديم الجناة المزعومين إلى العدالة”، هكذا علقت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، حول تسليم علي كوشيب لنفسه في البعثة الاممية بإفريقيا الوسطى. تذكرة وعبرة واعتبرت بنسودا استسلام علي كوشيب ونقله إلى المحكمة، بعد ما يقرب من عقدين من جرائمه المزعومة، لهو تذكرة قوية ومحزنة لضحايا الجرائم البشعة المرتكبة في إقليم دارفور بالسودان، الذين انتظروا تحقيق العدالة طويلا. ودعت بنسودا لتسليم عمر البشير وعبد الرحيم حسين وأحمد هارون الذين صدرت بحقهم اوامر توقيف، مشيرة الى أن السودان بموجب نظام روما الأساسي، أن يثبت لقضاة المحكمة أنه يجري تحقيقا صادقا مع المشتبه فيهم الباقين ويقاضيهم على السلوك الإجرامي المزعوم نفسه الوارد في أوامر قبضهم الصادرة عن المحكمة، مضيفة:” أرحب بالحوار مع حكومة السودان لاستكشاف جميع الخيارات المتاحة لتيسير الإجراءات القضائية الحقيقية بحق

اتجاه لإلغاء عطلة السبت وانطلاق امتحانات الشهادة في الثاني من مارس

قالت ولاية الخرطوم إنها ستلجأ للاستفادة من عطلة السبت لتعويض الهدر في الحصص المدرسية عقب إجازة استمرت نحو ثلاث أسابيع بسبب التظاهرات. في وقت أعلنت وزارة التربية والتعليم أمس، انطلاق امتحانات الشهادة السودانية في موعدها المحدد في الثاني من شهر مارس المقبل. وعقد مجلس الامتحانات اجتماعاً حسب صحيفة مصادر أمس، للوقوف على ترتيبات استئناف الدراسة في ولايات السودان كافة عقب الأحداث الأخيرة. وقالت وزيرة التربية والتعليم، مشاعر الدولب، إن الاجتماع بحث ترتيبات إكمال المقررات والمنهج بالحد الذي يمكن الطلاب من الجلوس للامتحان في الوقت المعلن. وطمأنت وزيرة التربية أسر الطلاب الممتحنين أن الترتيبات التي اتخذتها الوزارة كفيلة بتهيئة الظروف للجلوس للامتحانات وأن لا شيء يدعو للقلق على حد تعبيرها. وفي السياق، قال مدير عام التعليم بولاية الخرطوم عبد الله محمد نصر، إن انطلاق امتحانات الأساس سيكون في الوقت المعلن الثامن عشر من مارس المقبل، مشيراً إلى أن استئناف الدراسة في الولاية سيبدأ غداً الثلاثاء وسيكتمل تدريجياً في الثالث عشر من الشهر الجاري لكافة المراحل التعليمية، موضحاً أنه سيتم الاستفادة من عطلة